ولمّا قدّم
سبحانه ذكر ما أعدّه لأهل الجنّة من أنواع الثواب ، عقّبه بذكر ما أعدّه للكفّار
من أليم العقاب ، فقال :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا
لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) لا يحكم عليهم بموت ثان (فَيَمُوتُوا) فيستريحوا. ونصبه بإضمار «أن». (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) ولا يسهل عليهم عذاب النار ، بل كلّما خبت زيد إسعارها (كَذلِكَ) مثل ذلك الجزاء (نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) مبالغ في الكفر ، أو الكفران.
وقرأ أبو عمرو
: يجزى ، على بناء المفعول. وإسناده إلى «كلّ».
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ
فِيها) يستغيثون. يفتعلون من الصراخ ، وهو الصياح.
استعمل في
الاستغاثة ، لجهر المستغيث صوته. (رَبَّنا أَخْرِجْنا) من عذاب النار (نَعْمَلْ صالِحاً) نؤمن بدل الكفر ، ونطيع بدل المعصية ، أي : ردّنا إلى
الدنيا لنعمل بالطاعات الّتي تأمرنا بها (غَيْرَ الَّذِي كُنَّا
نَعْمَلُ) من المعاصي. وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور
للتحسّر على ما عملوه من غير الصالح ، والاعتراف به ، والإشعار بأنّ استخراجهم
لتلافيه ، وأنّهم كانوا يحسبون أنّه صالح ، والآن تحقّق لهم خلافه.
فوبّخهم الله
تعالى فقال : (أَوَلَمْ
نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) أو لم نعطكم من العمر مقدار ما يمكن أن تتفكّروا
وتتذكّروا. و (ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ) متناول كلّ عمر يمكن المكلّف فيه من التفكّر والتذكّر
والعمل الصالح.