(وَلا يُنَبِّئُكَ
مِثْلُ خَبِيرٍ) ولا يخبرك بالأمر مخبر مثل خبير عالم به أخبرك. وهو
الله تعالى ، فإنّه هو الخبير به على الحقيقة ، دون سائر المخبرين. والمراد تحقيق
ما أخبر به من حال آلهتهم ، ونفي ما يدّعون لهم. كأنّه قال : إنّ هذا الّذي
أخبرتكم من حال الأوثان هو الحقّ ، لأنّي خبير بما أخبرت به.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ
أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) في أنفسكم ومايعن لكم. وتعريف الفقراء للمبالغة في
فقرهم ، كأنّهم لشدّة افتقارهم إليه وكثرة احتياجهم هم الفقراء ، وأنّ افتقار سائر
الخلائق بالنسبة إلى فقرهم غير معتدّ به ، لأنّ الفقر ممّا يتبع الضعف ، فكلّما
كان أضعف كان أفقر ، وقد شهد سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً)[٢]. وقال : (اللهُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ)[٣]. ولو نكّر لكان المعنى : أنتم بعض الفقراء ، وفات هذا
المعنى المقصود.
ولمّا أثبت
فقرهم إليه ، وغناه عنهم ، وليس كلّ غنيّ نافعا بغناه إلّا إذا كان الغنيّ جوادا
منعما ، فإذا جاد وأنعم استحقّ عليهم الحمد ، وحمده المنعم عليهم ، ذكر الحميد
ليدلّ به على أنّه الغنيّ النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم ، المستحقّ
بإنعامه عليهم أن يحمدوه ، الحميد على ألسنة مؤمنيهم ، فقال :