(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ
جَمِيعاً) المستكبرين والمستضعفين (ثُمَّ يَقُولُ
لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) تقريعا للمشركين ، وتبكيتا لهم ، وإقناطا لهم عمّا
يتوقّعون من شفاعتهم ، فإنّ ظاهر الكلام خطاب للملائكة ، والمراد به تقريع الكفّار
، وارد على المثل السائر : إيّاك أعني واسمعي يا جارة. ونحوه قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي
وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)[١]. وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزّهين ، برآء
ممّا وجّه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير. والغرض منه أن يقول ويقولوا ،
ويسأل ويجيبوا ، ليكون تقريعهم أشدّ ، وتعييرهم أبلغ ، وخجلهم أعظم ، وهوانهم
ألزم. ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه ، وزاجرا لمن اقتصّ عليه.
ولأنّ عبادتهم
مبدأ الشرك وأصله. وقرأ حفص بالياء فيهما [٢].
(قالُوا سُبْحانَكَ) تنزيها لك عن أن يعبد سواك ، ويتّخذ معك معبود غيرك (أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ) أنت الّذي نواليه من دونهم ، لا موالاة بيننا وبينهم.
فبيّنوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفّار ، براءتهم من الرضا بعبادتهم.
ثمّ أضربوا عن
ذلك ، ونفوا أنّهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم : (بَلْ كانُوا
يَعْبُدُونَ الْجِنَ) أي : الشياطين ، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله ،
وصوّرت لهم