ثمّ رجع إلى
حكم آخر لنسائه صلىاللهعليهوآله ، فقال : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) يغطّين وجوههنّ وأبدانهنّ بملاحفهنّ إذا برزن لحاجة.
والجلباب : ثوب واسع ، أوسع من الخمار ودون الرداء ، تلويه المرأة على رأسها ،
وتبقي منه ما ترسله على صدرها. و «من» للتبعيض ، فإنّ المرأة ترخي بعض جلبابها ،
وتتلفّع [١] ببعض ، حتّى تتميّز من الأمة.
وروي : أنّ
النساء كنّ في أوّل الإسلام يبرزن في درع وخمار ، بلا فرق بين الحرّة والأمة. وكان
الفسّاق يتعرّضون للإماء إذا خرجن بالليل إلى مقاضي حوائجهنّ في النخيل والغيطان [٢] ، وربّما
تعرّضوا للحرّة بعلّة الأمة ، يقولون : حسبناها أمة. فأمرن أن يخالفن بزيّهنّ عن
زيّ الإماء ، بلبس الأردية والملاحف ، وستر الرؤوس والوجوه ، ليحتشمن ويهبن فلا
يطمع فيهنّ طامع ، بخلاف الإماء اللّاتي يخرجن مكشّفات الرؤوس والجباه.
وذلك قوله : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) أقرب إلى أن يعرفن بزيّهنّ أنّهنّ حرائر ولسن بإماء.
وعن الجبائي : معناه : ذلك أقرب إلى أن يعرفن بالستر والصلاح فلا يتعرّض لهنّ ،
لأنّ الفاسق إذا عرف امرأة بالستر والصلاح لم يتعرّض لها. (فَلا يُؤْذَيْنَ) فلا يؤذيهنّ أهل الريبة بالتعرّض لهنّ (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما سلف