الْمُؤْمِناتِ) المراد بالنكاح العقد ، وإن كان في الأصل بمعنى الوطء.
وتسمية العقد به لملابسته له ، من حيث إنّه طريق إليه. ونظيره تسمية الخمر إثما ،
لأنّها سبب في اقتراف الإثم.
ويؤيّد أنّ
النكاح هاهنا بمعنى العقد قوله : (ثُمَّ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) أن تجامعوهنّ (فَما لَكُمْ
عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) أي : أيّام معدودة يتربّصن فيها بأنفسهنّ (تَعْتَدُّونَها) تستوفون عددها بالأقراء أو الأشهر. من : عدّدت الدراهم
فاعتدّها ، كقولك : كلته فاكتاله ، ووزنته فاتّزن. فأسقط الله سبحانه العدّة من
المطلّقة قبل المسيس ، لبراءة رحمها ، فإن شاءت تزوّجت من يومها. والإسناد إلى
الرجال ، للدلالة على أنّ العدّة حقّ واجب على النساء للرجال ، كما أشعر به «فما
لكم».
وعن ابن كثير :
تعتدونها مخفّفا ، على إبدال إحدى الدالين بالياء ، أو على أنّه من الاعتداء ،
بمعنى : تعتدون فيها ، كقوله : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ
ضِراراً لِتَعْتَدُوا)[١].
وظاهره يقتضي
عدم وجوب العدّة بمجرّد الخلوة ، فلا يكون حكم الخلوة الصحيحة حكم المساس ، خلافا
للحنفيّة.
وتخصيص
المؤمنات والحكم عامّ ، للتنبيه على أنّ من شأن المؤمن أن لا ينكح إلّا مؤمنة
تخيّرا لنطفته.
وفائدة «ثمّ»
إزاحة ما عسى يتوهّم أنّ تراخي الطلاق كما يؤثّر في النسب يؤثّر في العدّة ، فلا
يتفاوت الحكم بين أن يطلّقها وهي قريبة العهد من النكاح ، وبين أن يبعد عهدها
بالنكاح ويتراخى بها المدّة في حبالة الزواج ثمّ يطلّقها. ويمكن أن يكون ذكر «ثمّ»
للبون البعيد بين العقد والطلاق.
(فَمَتِّعُوهُنَ) أي : إن لم يكن مفروضا لها ، فإنّ الواجب للمفروض لها
نصف المفروض ، دون المتعة. ويجوز أن يؤوّل التمتيع بما يعمّهما. أو يكون الأمر
مشتركا