الفراغ من الشيء بالتمام ، فطلّقها وانقضت عدّتها. وقيل : قضاء الوطر كناية
عن الطلاق ، مثل : لا حاجة لي فيك. (زَوَّجْناكَها) أي : أذنّا لك في تزويجها.
ثمّ علّل
التزويج بقوله : (لِكَيْ لا يَكُونَ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ
وَطَراً) أي : إنّما فعلنا ذلك توسعة على المؤمنين ، حتّى لا
يكون عليهم إثم في أن يتزوّجوا أزواج أدعيائهم الّذين تبنّوهم ، إذا قضى الأدعياء
منهنّ حاجتهم وفارقوهنّ. فبيّن سبحانه أنّ الغرض في ذلك أن لا يجري المتبنّى في
تحريم امرأته إذا طلّقها على المتبنّي ، مجرى الابن من النسب والرضاع ، في تحريم
امرأته إذا طلّقها على الأب. وهذا دليل على أنّ حكمه وحكم الأمّة واحد ، إلّا ما
خصّه الدليل.
(وَكانَ أَمْرُ اللهِ) أمره الّذي يريده (مَفْعُولاً) يكون لا محالة ، كما كان من تزويج زينب ، ومن نفي الحرج
عن المؤمنين في عدم إجراء أزواج المتبنّين في تحريمهنّ عليهم ، بعد انقطاع علائق
الزواج بينهم وبينهنّ.
روى ثابت عن
أنس بن مالك قال : لمّا انقضت عدّة زينب ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لزيد : ما أجد أحدا أوثق في نفسي منك ، اخطب عليّ زينب.
قال زيد : فانطلقت ، فقلت : يا زينب! أبشري أرسلني نبيّ الله يذكرك. ونزل القرآن ،
وجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فدخل عليها بغير إذن ، لقوله تعالى : (زَوَّجْناكَها).
وفي رواية اخرى
: قال زيد : فانطلقت فإذا هي تخمّر عجينها. فلمّا رأيتها عظمت في نفسي ، حتّى ما
أستطيع أن أنظر إليها ، حين علمت أنّ رسول الله ذكرها ، فولّيتها ظهري وقلت : يا
زينب أبشري! إن رسول الله يخطبك. ففرحت بذلك ، وقالت : ما أنا بصانعة شيئا حتّى
أوامر ربّي. فقامت إلى مسجدها ، ونزل : «زوّجناكها». فتزوّجها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودخل بها. وما أولم على امرأة من نسائه ما أو لم
عليها ، ذبح شاة ، وأطعم الناس الخبز واللحم حتّى امتدّ النهار.