(أُولئِكَ لَمْ
يُؤْمِنُوا) إخلاصا ، وإلّا لما فعلوا ذلك (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) أي : فأظهر بطلانها ، إذا لم تثبت لهم أعمال فتبطل. أو
أبطل تصنّعهم ونفاقهم.
(وَكانَ ذلِكَ) الإحباط (عَلَى اللهِ يَسِيراً) هيّنا ، لتعلّق الإرادة به ، وعدم ما يمنعه عنه.
ثمّ وصف فرط
جبنهم بقوله : (يَحْسَبُونَ
الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أي : لجبنهم يظنّون أنّ الأحزاب لم ينهزموا ، وقد
انهزموا ففرّوا من الخندق إلى داخل المدينة (وَإِنْ يَأْتِ
الْأَحْزابُ) كرّة ثانية (يَوَدُّوا لَوْ
أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) تمنّوا أنّهم خارجون إلى البدو ، حاصلون بين الأعراب ،
حذرا من القتل ، وتربّصا للدوائر.
(يَسْئَلُونَ) كلّ قادم من جانب المدينة (عَنْ أَنْبائِكُمْ) عمّا جرى عليكم (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) هذه الكرّة ، ولم يرجعوا إلى المدينة ، وكانوا في صفّ
القتال معكم (ما قاتَلُوا إِلَّا
قَلِيلاً) رياء وخوفا عن التعيير.
ولمّا بيّن
سبحانه حال المنافقين ، حثّ المؤمنين المخلصين على الجهاد والصبر عليه ، فقال :
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) خصلة حسنة ، من حقّها أن يؤتسى بها ، كالثبات في الحرب
، ومقاساة الشدائد. أو هو في نفسه قدوة يحسن التأسّي به ، كقولك في البيضة : عشرون
منّا حديدا ، أي : هي في نفسها هذا القدر من الحديد. وقرأ عاصم بضمّ الهمزة [١]. وهو لغة.