بالصفار [١] ضجّوا وكفروا بنعمته ، وكان عليهم أن يصبروا على بلائه
ولم يكفروا. فهم في جميع هذه الأحوال على الصفات المذمومة.
ولمّا كان هكذا
حالهم في عدم التدبّر فيما ينفعهم في خاتمتهم ، قال سبحانه لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ
الْمَوْتى) أي : هم مثل الموتى ، لمّا سدّوا عن الحقّ مشاعرهم (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا
وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) إذا أعرضوا عن أدلّتنا ، ذاهبين إلى الضلال والفساد ،
غير سالكين سبيل الرشاد. قيّد الحكم به ، ليكون أشدّ استحالة ، فإنّ الأصمّ المقبل
وإن لم يسمع الكلام ، يفطن منه بواسطة الحركات شيئا.
(وَما أَنْتَ بِهادِ
الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) يعني : أنّهم كالعمي لا يهتدون بالأدلّة ، ولا تقدر على
ردّهم عن العمى ، إذ لم يطلبوا الاستبصار. فسمّاهم عميا لفقدهم المقصود الحقيقي من
الإبصار ، أو لعمى قلوبهم.
(إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا
مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) يصدّق بآياتنا وأدلّتنا ، فإنّ إيمانهم يدعوهم إلى
تلقّي اللفظ وتدبّر المعنى. ويجوز أن يراد بالمؤمن المشارف للإيمان. (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) منقادون لما يأمرهم.