ثمّ خاطب نبيّه
فقال : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدِّينِ) فقوّمه وعدّله ، غير ملتفت عنه يمينا ولا شمالا. وهذا
تمثيل للإقبال والاستقامة على الدين ، والاهتمام به ، فإنّ من اهتمّ بالشيء عقد
عليه طرفه ، وسدّد إليه نظره ، وقوّم له وجهه ، مقبلا به عليه بكلّه.
(حَنِيفاً) حال من المأمور ، أي : مائلا إليه ، ثابتا عليه ،
مستقيما فيه ، لا ترجع عنه إلى غيره. ويجوز أن يكون حالا من الدين.
(فِطْرَتَ اللهِ) خلقته. نصب على الإغراء ، أي : الزموا فطرة الله ، أو
عليكم فطرة الله. أو على المصدر لما دلّ عليه قوله : (الَّتِي فَطَرَ
النَّاسَ عَلَيْها) خلقهم عليها. وهي قبولهم للحقّ ، وتمكّنهم من إدراكه.
أو ملّة الإسلام ، فإنّهم لو خلّوا وما خلقوا عليه أدّى بهم إليها ، لكونه مساوقا
للنظر الصحيح ، مجاوبا للعقل ، ومن غوى فبإغواء شياطين الإنس والجنّ. ومنه الحديث
القدسي : «كلّ عبادي خلقت حنفاء ، فاجتالتهم [١] الشياطين عن دينهم ، وأمروهم أن يشركوا بي غيري».
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «كلّ مولود يولد على الفطرة ، حتّى يكون أبواه هما اللّذان يهوّدانه
وينصّرانه ويمجّسانه».
وقيل : «فطرة
الله» : العهد المأخوذ من آدم وذرّيّته.