ثمّ حثّ سبحانه
على التفكّر والتدبّر فيما يدلّ على توحيده ، من خلق السماوات والأرض ، ثمّ أحوال
القرون الخالية والأمم الماضية ، فقال : (أَوَلَمْ
يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) أو لم يحدثوا التفكّر في أنفسهم ، أي : في قلوبهم
الفارغة من الفكر. فالجارّ والمجرور ظرف للفعل. ويحتمل أن يكون صلة له. ومعناه :
أو لم يتفكّروا في خلق أنفسهم ، فإنّها أقرب إليهم من غيرها ومرآة يجتلى فيها
للمستبصر ما يجتلى له في الممكنات بأسرها ، ليتحقّق لهم قدرة مبدعها على إعادتها ،
كقدرته على إبدائها.
وقوله : (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما
بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) متعلّق بقول أو علم محذوف يدلّ عليه الكلام. تقديره :
أو لم يتفكّروا فيقولوا أو فيعلموا هذا القول.
والمعنى : ما
خلقها باطلا وعبثا بغير غرض صحيح وحكمة بالغة ، بل إنّما خلقها مقرونة بالحقّ ،
مصحوبة بالحكمة.
(وَأَجَلٍ مُسَمًّى) وبتقدير أجل مقرّر مقدّر لا بدّ لها من أن تنتهي إليه ،
ولا تبقى بعده. وهو وقت قيام الساعة.
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ
النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) بلقاء جزائه عند انقضاء الأجل المسمّى ، أو قيام الساعة
(لَكافِرُونَ) جاحدون ، يحسبون أنّ الدنيا أبديّة ، وأنّ