ثمّ بيّن
سبحانه أنّه لا عذر لعباده في ترك طاعته ، فقال : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) أي : إذا لم يتسهّل لكم العبادة في بلدة ، ولم يتيسّر
لكم إظهار دينكم ، فهاجروا عنها إلى بلد تقدّرون فيه أنّكم فيه أسلم قلبا ، وأصحّ
دينا ، وأكثر عبادة ، وأحسن خشوعا ، واطرد للشيطان ، وأبعد من الفتن ، وأضبط للأمر
الديني.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فرّ بدينه من أرض إلى أرض ولو كان شبرا استوجب
الجنّة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم».
وقيل : نزلت في
المستضعفين بمكّة. والفاء جواب شرط محذوف. وتقديم المفعول للاختصاص. والمعنى : إنّ
ارضي واسعة ، فإن لم تخلصوا العبادة لي في أرض فأخلصوها في غيرها.
وعن أبي عبد
الله عليهالسلام معناه : «إذا عصي الله في أرض أنت فيها ، فاخرج منها
إلى غيرها».
ثمّ خوّفهم
بالموت ليهوّن عليهم الهجرة ، فقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ
الْمَوْتِ) واجدة مرارة الموت ، كما يجد الذائق طعم المذوق.
والمراد : تناله الموت لا محالة.
(ثُمَّ إِلَيْنا
تُرْجَعُونَ) للجزاء. ومن كانت هذه عاقبته لم يكن له بدّ من التزوّد لها ، والاستعداد
بجهده. وقرأ أبو بكر بالياء.
ثمّ ذكر ثواب
من هاجر ، فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ)