ولمّا أمر
سبحانه بمجاهدة النفس والشياطين ، وكفرة الإنس الّذين هم أعداء الدين ، بيّن حال
الأبوين في ذلك ، فقال :
(وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) بإيتاء والديه فعلا ذا حسن. أو فعلا كأنّ في ذاته عين
الحسن ، لفرط حسنه ، كقوله : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ
حُسْناً)[١].
وقيل : «حسنا»
منتصب بفعل مضمر ، على تقدير قول مفسّر للتوصية ، أي : قلنا : أولهما ، أو افعل بهما
معروفا ، لأنّ التوصية بهما دالّة عليه.
ووصّى يجري
مجرى : أمر ، معنى وتصرّفا. يقال : وصيّت زيدا بأن يفعل خيرا ، كما تقول : أمرته
بأن يفعل. ومنه قوله تعالى : (وَوَصَّى بِها
إِبْراهِيمُ بَنِيهِ)[٢] ، أي : أمرهم بكلمة التوحيد.
(وَإِنْ جاهَداكَ) وإن نازعاك أبواك أيّها الإنسان (لِتُشْرِكَ بِي) في العبادة (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ) بإلهيّته (عِلْمٌ) عبّر عن نفيها بنفي العلم بها ، إشعارا بأنّ ما لا يعلم
صحّته لا يجوز اتّباعه ، وإن لم يعلم بطلانه ، فضلا عمّا علم بطلانه (فَلا تُطِعْهُما) في ذلك ، فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولا
بدّ من إضمار القول إن لم يضمر قبل.
(إِلَيَ) إلى جزائي (مَرْجِعُكُمْ) مرجع من آمن منكم ومن أشرك ، ومن برّ