وأوحى الله إلى
موسى : ما أفظّك! استغاثوا بك مرارا فلم ترحمهم. أما وعزّتي لو إيّاي دعوا مرّة واحدة
لوجدوني قريبا مجيبا.
فأصبحت بنو
إسرائيل يتناجون بينهم : إنّما دعا موسى على قارون ليستبدّ بداره وكنوزه. فدعا
الله حتّى خسف بداره وأمواله ، كما قال الله سبحانه : (فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما
كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ) أعوان. مشتقّة من : فأوت رأسه ، إذا ميّلته. (يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) فيدفعون عنه عذاب الله (وَما كانَ مِنَ
المُنْتَصِرِينَ) من المنتقمين من موسى. أو الممتنعين من عذاب الله. من
قولهم : نصره من عدوّه فانتصر ، إذا منعه منه فامتنع.
(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ
تَمَنَّوْا مَكانَهُ) منزلته من الدنيا (بِالْأَمْسِ) منذ زمان قريب ، حين خرج عليهم في زينته (يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ) هذه كلمة تندّم وتنبّه على الخطأ.
مركّبة عند
البصريّين من «وي» للتعجّب ، و «كأنّ» للتشبيه ، والضمير للشأن.
والمعنى : أنّ
القوم تنبّهوا على خطئهم في تمنّيهم منزلة قارون وتندّموا ، ثمّ قالوا : كأنّ الله
، أي : ما أشبه الأمر أنّ الله (يَبْسُطُ الرِّزْقَ
لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) لمن يشاء منهم ، أي : بمقتضى مشيئته وحكمته ، لا لكرامة
تقتضي البسط ، ولا لهوان يوجب القبض.
وعند الكوفيّين
مشتقّة من «ويك» بمعنى : ويلك ، وأنّ تقديره : ويك اعلم أنّ الله يبسط ... إلخ.
(لَوْ لا أَنْ مَنَّ
اللهُ عَلَيْنا) أنعم الله علينا بنعمه ، فلم يعطنا مثل ما أعطى قارون (لَخَسَفَ بِنا) لأجله. وقرأ حفص بفتح الخاء والسين.
(وَيْكَأَنَّهُ) وما أشبه الحال بأنّه (لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) لا يفوز بثواب الله ، ولا ينجو من عقابه ، الجاحدون
لنعمة الله. أو المكذّبون برسله ، وبما وعدوا لهم من ثواب الآخرة.