وفي هذه الآية
أمران ونهيان ، وخبران وبشارتان. وحكي أنّ بعضهم سمع بدويّة تنشد أبياتا فقال لها
: ما أفصحك! فقالت : الفصاحة لله تعالى ، وذكرت هذه الآية وما فيها.
قيل : إنّه ذبح
في طلب موسى تسعون ألف وليد.
وروي : أنّها
لمّا ضربها الطلق دعت قابلة من الموكّلات بحبالى بني إسرائيل مصافية لها ، فقالت
لها : لينفعني حبّك اليوم ، فعالجتها. فلمّا وقع موسى على الأرض هالها نور بين
عينيه ، وارتعش كلّ مفصل منها ، ودخل حبّه في قلبها. ثمّ قالت : ما جئتك إلّا
لأقبل مولودك ، وأخبر فرعون ، ولكنّي وجدت لابنك حبّا ما وجدت مثله ، فاحفظيه.
فلمّا خرجت جاء
عيون فرعون ، فلفّته في خرقة ووضعته في تنّور مسجور ، لأنّها لم تعلم ما تصنع ،
لما طاش من عقلها. فطلبوا فلم يلقوا شيئا ، ورأو أمّ موسى لم يتغيّر لها لون ، ولم
يظهر لها لبن ، فخرجوا من عندها. وهي لا تدري مكانه ، فسمعت بكاءه من التنّور ،
فانطلقت إليه ، وقد جعل الله النار عليه بردا وسلاما. فأرضعته ثلاثة أشهر ، خيفة
من الناس عليه.
ثمّ ألحّ فرعون
في طلب المواليد ، واجتهد العيون في تفحّصها. فخافت على ابنها ، فانطلقت إلى نجّار
من قوم فرعون ، فاشترت منه تابوتا : فقال النجّار : ما تصنعين بهذا التابوت؟ قالت
: إنّ لي ابنا أخبؤه [١] في التابوت. وكرهت الكذب.
فلمّا اشترت
التابوت وحملته ، انطلق النجّار إلى الذبّاحين ليخبرهم بأمر امّ موسى ، فلم يطق الكلام.
فرجع وأخذ في النجر ، فانطلق لسانه. فرجع ثانيا ، فلمّا انتهى إليهم اعتقل لسانه.
هكذا ثلاث مرّات ، فعلم أنّ ذلك أمر إلهيّ.