(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يقدر على مثل ذلك (قُلْ هاتُوا
بُرْهانَكُمْ) حجّتكم على أنّ غيره يقدر على شيء من ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في إشراككم ، فإنّ كمال القدرة من لوازم الألوهيّة ،
فإذا لم يقدروا على إقامة البرهان على ذلك فاعلموا أنّه لا إله معي ، ولا يستحقّ
العبادة سواي.
ولمّا بيّن
اختصاصه بالقدرة التامّة الفائقة العامّة ، أتبعه ما هو كاللازم له ، وهو التفرّد
بعلم الغيب ، فقال : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) الاستثناء منقطع. ورفع المستثنى على اللغة التميميّة.
وفي اختيار
المذهب التميمي على الحجازي نكتة سريّة [١] ، حيث أخرج المستثنى مخرج قوله : إلّا اليعافير ، بعد
قوله [٢] : ليس بها أنيس ، ليئول المعنى إلى قولك : إن كان الله ممّن في السماوات
والأرض ، ففيهما من يعلم الغيب ، مبالغة في نفي العلم عنهم. يعني : أنّ علمهم
الغيب في استحالته كاستحالة أن يكون الله منهم ،
[١] لعلّها بزنة
فعيلة ، فتكون بمعنى : شريفة ، من : سرا سروا : كان سريّا ، أي : صاحب مروءة وسخاء
وشرف.