ثمّ عطف قصّة
مريم وعيسى على قصّة زكريّا ويحيى عليهماالسلام ، فقال : (وَاذْكُرْ فِي
الْكِتابِ) في القرآن (مَرْيَمَ) يعني : قصّتها العجيبة ، من ولادتها عيسى بلا أب ، وفرط
صلاحها ليقتدي الناس بها ، ولتكون معجزة لك (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ
أَهْلِها) إذ اعتزلت منهم وتخلّت للعبادة.
وهذا بدل من «مريم»
بدل الاشتمال ، لأنّ الأحيان مشتملة على ما فيها. وفيه : أنّ المقصود بذكر مريم
ذكر وقتها هذا ، لوقوع هذه القضيّة العجيبة فيه. أو بدل الكلّ ، لأنّ المراد بمريم
قصّتها ، وبالظرف الأمر الواقع فيه ، وهما ـ أعني : قصّة مريم ، والأمر الواقع فيه
ـ واحد. أو ظرف لمضاف مقدّر ، أي : قصّة مريم إذ انتبذت.
وقيل : «إذ»
بمعنى «أن» المصدريّة ، كقولك : أكرمتك إذ لم تكرمني ، فتكون بدلا لا محالة.
(مَكاناً شَرْقِيًّا) في مكان ممّا يلي شرقيّ بيت المقدس ، أو شرقيّ دارها ،
ولذلك اتّخذ النصارى المشرق قبلة. و «مكانا» ظرف كما فسّر ، أو مفعول ، لأنّ «انتبذت»