(ذلِكُما) أي : ذلك التأويل. (مِمَّا عَلَّمَنِي
رَبِّي) بالإلهام والوحي ، وليس من قبيل التكهّن أو التنجيم.
(إِنِّي تَرَكْتُ
مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) تعليل لما قبله ، أي : علّمني ذلك لأنّي تركت ملّة
الّذين لا يؤمنون بالوحدانيّة وبيوم البعث والنشور.
أراد بهؤلاء
القوم أهل مصر ، ومن كان الفتيان على دينهم.
(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ
آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أو كلام مبتدأ لتمهيد الدعوة وإظهار أنّه من أهل بيت
النبوّة ، لتقوى رغبتهما في الاستماع إليه والوثوق عليه.
ولذلك جوّز
للخامل أن يصف نفسه حتّى يعرف فيقتبس منه وينتفع به في الدين ، ولم يكن ذلك من باب
التزكية. وتكرير ضمير «هم» للدلالة على تأكيد كفرهم بالآخرة.
(ما كانَ لَنا) ما صحّ لنا معشر الأنبياء (أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ
مِنْ شَيْءٍ) أيّ شيء كان ، من ملك أو جنّيّ أو إنسيّ ، فضلا أن نشرك
به صنما لا يسمع ولا يبصر.
(ذلِكَ) التوحيد (مِنْ فَضْلِ اللهِ
عَلَيْنا) بالوحي (وَعَلَى النَّاسِ) وعلى سائر الناس ببعثنا لإرشادهم ، وتثبيتهم عليه (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) المبعوثون نحن إليهم (لا يَشْكُرُونَ) هذا الفضل ، فيعرضون عنه ولا يتنبّهون.
وقيل : معناه :
ذلك فضل الله علينا وعليهم بنصب الأدلّة وإنزال الآيات ، ولكنّ أكثرهم لا ينظرون
إليها ، ولا يستدلّون بها ، فيلغونها ، كمن يكفر النعمة ولا يشكرها.
(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أي : يا ساكنيه ، كقوله عزّ اسمه : (أَصْحابُ النَّارِ
وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ)[١]. أو يا صاحبيّ فيه ، فأضافهما إليه على الاتّساع ،
كقوله : يا سارق الليلة أهل الدار. فكما أنّ الليل مسروق فيها غير مسروقة ، فكذلك
السجن مصحوب فيه غير مصحوب ، وإنّما المصحوب غيره ، وهو يوسف عليهالسلام. (أَأَرْبابٌ
مُتَفَرِّقُونَ)