في الكفر ، وإنّما يضرّون بها أنفسهم. ونصب «شيئا» بالمفعوليّة أو
المصدريّة.
ثمّ بيّن كيف
يعود وبال الكفر عليهم بقوله : (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا
يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا) نصيبا من الثواب (فِي الْآخِرَةِ) لتمادي طغيانهم ، وقوّة رسوخهم في الكفر. وفي ذكر إرادة
الله هنا إشعار بأنّ كفرهم بلغ الغاية حين سارعوا إلى الكفر ، حتّى إنّ أرحم
الراحمين أراد أن لا يرحمهم ، فلا يكون لهم حظّ في الآخرة من رحمته. ولهذا الاشعار
لم يقل : لن يجعل الله لهم حظّا في الآخرة. (وَلَهُمْ عَذابٌ
عَظِيمٌ) مع الحرمان عن الثواب.
وفيه دلالة على
بطلان مذهب المجبّرة ، لأنّه سبحانه نسب إليهم المسارعة إلى الكفر ، وإذا كان الله
قد خلق الكفر فيهم فكيف يصحّ نسبته إليهم؟!
ثمّ استأنف
سبحانه الإخبار بإبدالهم الكفر بالإيمان ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ
اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ
أَلِيمٌ) تكرير للتأكيد ، أو تعميم للكفرة بعد تخصيص من نافق من
المتخلّفين أو ارتدّ من الأعراب. ونصب «شيئا» على المصدر ، لأنّ المعنى : شيئا من
الضرر.
ثمّ بيّن
سبحانه أنّ إمهال الكفّار لا ينفعهم إذا كان يؤدّي إلى العقاب لا الإهمال ، فقال
خطابا للرسول أو لكلّ من يحسب : (وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ).
«الّذين» مفعول
، و (أَنَّما نُمْلِي
لَهُمْ) بدل منه. وإنّما اقتصر على مفعول واحد للتعويل على
البدل ، فإنّه ينوب عن المفعولين ، كقوله : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ
أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ)[١]. أو المفعول الثاني على تقدير مضاف ، مثل : ولا تحسبنّ
الّذين كفروا أصحاب أنّ الإملاء خير لأنفسهم. أو لا تحسبنّ حال الّذين كفروا أنّ
الإملاء خير