تعالى : (وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)[١]. وبإجماع الإماميّة الرزق : ما صحّ أن ينتفع به ، وليس
لأحد منعه شرعا.
وهذه الآية
دالّة على أنّ الحرام لا يكون رزقا ، لأنّه تعالى مدحهم بالإنفاق ممّا رزقناهم ،
والمنفق من الحرام لا يستحقّ المدح بالإنفاق ، فلا يكون رزقا.
وأسند الرزق
إلى نفسه للإعلام بأنّهم ينفقون الحلال المطلق الّذي يستأهل أن يسمّى رزقا من الله
، و «من» للتبعيض ، فكأنّه يقول : ويخصّون بعض المال الحلال بالتصدّق حذرا لشوب [٢] الإسراف
المنهيّ عنه. ويجوز أن يراد به الزكاة المفروضة لأقرانه بالصلاة. ويجوز أن يراد هي
وغيرها من الصدقات والنفقات في وجوه البرّ.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : وممّا علّمناهم يبثّون. ومنه قيل : معناه : وممّا خصصناهم
به من أنوار المعرفة يفيضون. والأولى حمل الآية على عمومها. وتقديم المفعول
للاهتمام به ، والمحافظة على رؤوس الآي.
وبعد ذكر أحوال
المؤمنين على العموم مدح الله سبحانه مؤمني أهل الكتاب ـ كعبد الله بن سلام
وأضرابه ـ على الخصوص ، كتخصيص ذكر جبرئيل وميكائيل بعد الملائكة ، تعظيما لشأنهم
، وترغيبا لغيرهم ، وتعريضا لأهل الكتاب ، فقال : (وَالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) يعني : القرآن بأسره والشريعة بجميعها.
والإنزال نقل
الشيء من أعلى إلى أسفل ، وهو إنّما يلحق المعاني بتوسّط لحوقه الذوات الحاملة
لها. ويحتمل أنّ نزول الكتب الإلهيّة على الرسل ، بأن يتلقّفه