(مِنْ قَبْلُ) من قبل تنزيل القرآن. وهما لفظان أعجميّان على الصحيح.
واشتقاقهما من الورى والنجل ، ووزنهما تفعلة وإفعيل ، تكلّف وتعسّف. (هُدىً لِلنَّاسِ) أي : لقوم موسى وعيسى. ومن قال : نحن متعبّدون بشرائع
من قبلنا ، فسّره على العموم. (وَأَنْزَلَ
الْفُرْقانَ) يعني : القرآن. كرّر ذكره بما هو نعت له ومدح ، من كونه
فارقا بين الحقّ والباطل ، بعد ذكره باسم الجنس ، تعظيما لشأنه ، أو أراد جنس
الكتب السماويّة ، لأنّ كلّها فرقان يفرّق بين الحقّ والباطل.
روي عن الصادق عليهالسلام قال : «الفرقان كلّ آية محكمة في الكتاب».
وقيل : المراد
به الحجّة القاطعة على من حاجّ رسول الله في أمر عيسى ، كما قال الكلبي ومحمد بن
إسحاق والربيع بن أنس : «أنّ وفد نجران قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانوا ستّين راكبا ، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ،
وكان العاقب أميرهم وصاحب مشورتهم ، وهم لا يصدرون إلّا عن رأيه ، واسمه عبد
المسيح ، والسيّد صاحب رحلهم ، واسمه الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة أسقفهم وحبرهم
وإمامهم وصاحب مدارسهم ، وكان قد شرف فيهم ، وكان ملوك أهل الروم قد شرّفوه وبنوا
له الكنائس لعلمه واجتهاده.
فقدموا على
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ، ودخلوا مسجده حين صلّى العصر ، عليهم الثياب
الحبرات وجبب وأردية.
يقول بعض من
رآهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما رأينا وفدا مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فأقبلوا
يضربون بالناقوس ، وقاموا فصلّوا في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال الصحابة : يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : دعوهم ، فصلّوا إلى المشرق.
فكلّم السيّد
والعاقب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال لهما رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أسلما؟