ثم إذا استقريت
الكلم وتراكيبها رأيت الحروف الّتي ألغى الله ذكرها من هذه الأنواع المعدودة
مكثورة بالمذكورة [١] ، فسبحان الّذي دقّت في كلّ شيء حكمته! وقد علمت أنّ
معظم الشيء وجلّه ينزّل منزلة كلّه ، وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته ،
فكأنّ الله عزوجل عدّد على العرب الألفاظ الّتي منها تراكيب كلامهم إشارة
إلى ما ذكرت من التبكيت لهم وإلزام الحجّة إيّاهم.
وممّا يدلّ على
أنّه تعمّد بالذكر من حروف المعجم أكثرها وقوعا في تراكيب الكلم ، أنّ الألف
واللام لمّا تكاثر وقوعهما فيها جاءتا في معظم هذه الفواتح مكرّرتين ، وهي فواتح
سورة البقرة ، وآل عمران ، والروم ، والعنكبوت ، ولقمان ، والسجدة ، والأعراف ،
والرّعد ، ويونس ، وإبراهيم ، وهود ، ويوسف ، والحجر.
وأنّه ذكر ثلاث
مفردات ، وهي : «ق» «ن» [٢] «ص» في ثلاث سور ، لأنّها توجد في الأقسام الثلاثة : الاسم والفعل والحرف.
وأربع ثنائيّات
، وهي : «طه» و «يس» و «طس» و «حم» لأنّها تكون في
[١] أي مغلوبة
بالكثرة ، أي المذكورة غالبة على غير المذكورة ، ومنه : كاثرة ، أي غالبة بالكثرة.
[٢] وهي في مفتتح
سورة القلم : (ن
وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ).