المضاف إليه مقامه ، تفخيما لشأنهم. (بِإِذْنِهِ) بتوفيق الله تعالى وتيسيره للعمل الّذي يوصل إلى الجنّة
(وَيُبَيِّنُ آياتِهِ
لِلنَّاسِ) أي : أوامره ونواهيه (لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ) لكي يتّعظوا ، أو ليكونوا بحيث يرجى منهم التذكّر ، لما
ركز في العقول من ميل الخير ومخالفة الهوى.
روي أنّ أهل
الجاهليّة كانوا لا يساكنون الحيّض ، ويتجنّبون مؤاكلتهنّ ومشاربتهنّ ، كفعل
اليهود والمجوس ، واستمرّ ذلك إلى أن سأل أبو الدحداح في نفر من الصحابة عن ذلك
فنزلت : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْمَحِيضِ) ، هو مصدر : حاضت محيضا ، نحو : جاء مجيئا وبات مبيتا.
ولعلّه سبحانه ذكر «يسألونك» بغير الواو ثلاثا ثمّ بها ثلاثا ، لأنّ السؤالات
الأول كانت في أوقات متفرّقة ، والثلاثة الأخيرة كانت في وقت واحد ، فلذا ذكرها
بحرف الجمع.
(قُلْ هُوَ أَذىً) أي : الحيض شيء نجس يستقذر ، ويؤذي من يقربه نفرة منه
وكراهة له (فَاعْتَزِلُوا
النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) أي : فاجتنبوا مجامعتهنّ في وقت حيضهنّ ، لما روي أنّها
لمّا نزلت أخذ المسلمون بظاهر اعتزالهنّ ، فأخرجوهنّ من بيوتهم ، فقال ناس من
الأعراب : يا رسول الله البرد شديد والثياب قليلة ، فإن آثرناهنّ بالثياب هلك سائر
أهل البيت ، وإن استأثرنا بها هلكت الحيّض ، فقال عليهالسلام : «إنّما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهنّ إذا حضن ، ولم
يأمركم الله بإخراجهنّ من البيوت كفعل الأعاجم». وهو الاقتصاد بين إفراط اليهود
وتفريط النصارى ، فإنّهم كانوا