خبر محذوف ، تقديره : ذلكم شهر رمضان ، أو بدل من الصيام على حذف المضاف ،
أي : كتب عليكم صيام شهر رمضان. ورمضان مصدر «رمض» إذا احترق ، من الرمضاء ، فأضيف
إليه الشهر وجعل علما ، كما قيل : ابن داية للغراب ، بإضافة الابن إلى داية [١] البعير ،
لكثرة وقوعه عليها إذا دبرت [٢]. والدأية الموضع الّذي يقع عليه القتب [٣]. ومنع الصرف
للتعريف والألف والنون. وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من صام رمضان ، فعلى حذف المضاف لا من الالتباس.
وإنّما سمّي به لارتماضهم ، أي : احتراقهم فيه من حرّ الجوع والعطش ، أو لارتماض
الذنوب فيه.
(الَّذِي أُنْزِلَ
فِيهِ الْقُرْآنُ) أي : ابتدأ فيه إنزاله ، وكان ذلك في ليلة القدر. وقيل
: أنزل فيه جملة إلى السماء الدنيا ، ثمّ نزل إلى الأرض نجوما على حسب صلاح
العباد.
وروى الثعلبي
بإسناده ، عن أبي ذرّ الغفاري ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «أنزلت صحف إبراهيم أوّل ليلة من رمضان ،
وأنزلت التوراة لستّ ، وفي رواية أخرى لثلاث مضين من شهر رمضان ، وأنزل إنجيل عيسى
عليهالسلام لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، وأنزل زبور داود
لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان ، وأنزل الفرقان على محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لأربع وعشرين من شهر رمضان». وهذا بعينه رواه العيّاشي [٤] عن أبي عبد
الله ، عن آبائه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : معناه :
أنزل في شأنه القرآن ، وهو فرض صومه وإيجابه على الخلق.
[١] الدّاية : فقار
الكاهل في مجتمع ما بين الكتفين من كاهل البعير خاصّة. انظر (لسان العرب ١٤ : ٢٤٧
ـ ٢٤٨)
[٢] الدّبرة : قرحة
الدابّة والبعير ، أو الجرح الذي يكون في ظهر الدّابّة.