الصّفا ، وهبطت إلى الوادي تطلب الماء. فلمّا غاب عنها إسماعيل عادت حتى
بلغت الصّفا ، فنظرت إلى إسماعيل ، حتى فعلت ذلك سبع مرّات. فلمّا كان في الشوط
السابع وهي على المروة نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه ، فعادت حتى
جمعت حوله رملا ، وإنّه كان سائلا فزمّته [١] بما جعلته حوله ، فلذلك سمّيت زمزم.
وكانت جرهم
نازلة بذي المجاز وعرفات ، فلمّا ظهر الماء بمكّة عكفت الطير والوحوش على الماء ،
فنظرت جرهم إلى تعكّف الطير على ذلك المكان ، فأتبعوها حتّى نظروا إلى امرأة وصبيّ
نزلوا في ذلك الموضع قد استظلّوا بشجرة ، قد ظهر لهم الماء ، فقال لها جرهم : من
أنت وشأنك وشأن هذا الصبيّ؟
قالت : أنا أمّ
ولد إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام وهذا ابنه ، أمره الله أن ينزلنا هاهنا.
فقالوا لها : أتأذنين
أن نكون بالقرب منكم؟
قالت : حتى
أسأل إبراهيم عليهالسلام.
قال : [إنّ
الأرض قد طويت له] [٢] فزارهما إبراهيم يوم الثالث ، فقالت له هاجر : يا خليل
الله إنّ هاهنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منّا ، أفتأذن
لهم؟
فقال إبراهيم :
نعم. فأذنت هاجر لجرهم ، فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم ، وأنست هاجر وإسماعيل
بهم.
فلمّا زارهم
إبراهيم في المرّة الثانية ونظر إلى كثرة الناس حولهم سرّ بذلك
[١] زمّ الشيء يزمّه
: شدّه. وزمّ القربة : ملأها. وزمزمته زمزمة : إذا جمعته ورددت أطراف ما انتشر
منه. انظر لسان العرب ١٢ : ٢٧٢ و ٢٧٥.