فتعرّضا لامرأة يقال لها زهرة ، فحملتهما على المعاصي والشرك ، ثمّ صعدت
إلى السماء بما تعلّمت منهما ، فمحكيّ عن اليهود ، وبطلانه لا يخفى على من قال
بعصمة الملائكة.
وقيل : رجلان
سمّيا ملكين باعتبار صلاحهما.
وحكي عن ابن
عبّاس أنّ «ما أنزل» نفي معطوف على «ما كفر» تكذيب لليهود في هذه القصّة.
وقوله : (بِبابِلَ) ظرف أو حال من «الملكين» ، أو الضمير في «أنزل». والمشهور
أنّه بلد من نواحي الكوفة (هارُوتَ وَمارُوتَ) عطف بيان للملكين. ومنع صرفهما للعجمة والعلميّة ، ولو
كانا من الهرت والمرت ـ بمعنى الكسر ـ لانصرفا.
ومن جعل «ما»
نافية أبدلهما من الشياطين بدل البعض ، وما بينهما اعتراض.
وفي هذا
التأويل يكون هاروت وماروت رجلين من جملة الناس أو الجنّ ، ويكون الملكان اللذان
نفي عنهما السحر جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام ، فإنّ سحرة اليهود كانت تدّعي أنّ الله أنزل السحر على
لسان جبرئيل وميكائيل على سليمان ، فأكذبهم تعالى في ذلك.
وعلى الوجه
الأوّل قوله : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ
أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) معناه : ما يعلّمان أحدا حتى ينصحاه ويقولا له : إنّما
نحن اختبار وابتلاء من الله ، فمن تعلّم منّا وعمل به كفر ، ومن تعلّم وتوقّى عمله
ثبت على الإيمان (فَلا تَكْفُرْ) باعتقاد جوازه والعمل به.
وعلى الوجه
الثاني معناه : ما يعلّمانه حتى يقولا : إنّا مفتونان فلا تكن مثلنا.
(فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُما) الضمير لما دلّ عليه «من أحد» فإنّ النكرة في سياق
النفي تفيد العموم ، أي : فيتعلّم الناس من هاروت وماروت (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ
وَزَوْجِهِ) أي : من علم السحر الّذي يكون سببا للتفريق بين الزوجين
من حيلة