عنه (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ
كَفَرُوا) باستعمال السحر وتدوينه في الكتب. وقرأ ابن عامر وحمزة
والكسائي : ولكن بالتخفيف ورفع الشياطين (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ
السِّحْرَ) إغواء وإضلالا. والجملة حال عن الضمير.
قال التفتازاني
: علم السحر هو مزاولة النفوس الخبيثة لأفعال وأقوال يترتّب عليها أمور خارقة
للعادة [١].
وقال البيضاوي
: «السحر ما يستعان في تحصيله بالتقرّب إلى الشيطان ممّا لا يستقلّ به الإنسان ،
وذلك لا يستتبّ ـ أي : لا يتمّ ـ إلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس ، فإنّ
التناسب شرط في التضامّ والتعاون ، وبهذا يميّز الساحر عن النبيّ والوليّ» [٢] انتهى كلامه.
وما يفعله
أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية ، أو بخفّة اليد في تقليب الأشياء ، وخفّة
الأعمال ، نحو المشي على الأرسان [٣] واللعب بالمهاريق واللحاق ، فهو شبيه بالسحر ، وتسمّى
بالشعبدة ، منسوبة إلى رجل اسمه شعباد ، وهو معرّب ، وأصله خفّة اليد في تقليب
الأشياء ، وخفّة الأعمال ، ولا يكون سحرا حقيقيّا ، وكلّها حرام عند علمائنا.
وقال في المجمع
: «إنّ السحر خدع وتمويهات لا حقيقة لها ، يخيّل أنّ لها حقيقة. وقيل : إنّه يمكن
الساحر أن يقلّب الإنسان حمارا ، ويقلّبه من صورة إلى صورة ، وينشئ الحيوان على
وجه الاختراع. وهذا باطل ، ومن صدّق به فهو لا يعرف النبوّة ، ولا يأمن من أن تكون
معجزات الأنبياء من هذا النوع. ولو أنّ الساحر قدر على نفع أو ضرّ وعلم الغيب ،
لقدر على إزالة الممالك واستخراج الكنوز من