العرش ، وأنّ الله خصّ محمدا ، وشرّفه بها ، ولم يشرك فيها أحدا من أنبيائه
ما خلا سليمان عليهالسلام ، فإنّه أعطاه منها (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)[١]. ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله ، منقادا
لأمرها ، مؤمنا بظاهرها وباطنها ، أعطاه الله عزوجل بكلّ حرف منها حسنة ، كلّ واحدة منها أفضل من الدنيا
بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها. ومن استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما
للقارىء ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرّض له ، فإنّه غنيمة لا يذهبنّ أوانه
، فتبقى في قلوبكم الحسرة.
وعن ابن عبّاس
: بينا نحن عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتاه ملك فقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما
نبيّ قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لن تقرأ حرفا منهما إلّا
أعطيته. وفي رواية أخرى : لن يقرأ أحد حرفا منهما إلّا اعطي ثواب شهيد.
وعن حذيفة بن
اليمان أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّ القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيّا ،
فيقرأ صبيّ من صبيانهم في الكتاب : (الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعالَمِينَ) ، فيسمعه الله تعالى ، فيرفع عنهم بذلك العذاب أربعين
سنة.
ولمّا كان من
آداب تلاوة القرآن ، ووظائف قراءة الفرقان ، أنّ القارئ إذا أراد أن يشرع في
القراءة يستعيذ بالله من الشيطان ليأمن من وسوسته أثناء القراءة ، كما قال الله
تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)[٢]. فينبغي أن يشار أوّلا إلى تبيين معنى الاستعاذة قبل
الشروع في تفسير فاتحة الكتاب.
فاعلم أنّ
القرّاء اتّفقوا على التلفّظ بالتعوّذ قبل التسمية ، واختلفوا في كيفيّته.