أو حجرا أهبطه
آدم من الجنّة ، ووقع إلى شعيب ، فأعطاه مع العصا.
أو الحجر الّذي
فرّ بثوبه لمّا وضعه عليه ليغتسل ، وبرّأه الله به عمّا رموه من الأدرة [١] ، فأشار إليه
جبرئيل بحمله.
أو للجنس. وهذا
أظهر في الحجّة. كما قيل : إنّه لم يأمره أن يضرب حجرا بعينه ، ولكن لمّا قالوا :
كيف بنا لو أفضينا إلى أرض لا حجارة بها؟ حمل حجرا في مخلاته [٢] ، وكان يضربه
بعصاه إذا نزل فينفجر ، ويسقي كلّ يوم ستّمائة ألف مع دوابّهم ، ويضربه بها إذا
ارتحل فييبس. فقالوا : إن فقد موسى عصاه متنا عطشا ، فأوحى الله إليه : لا تقرع
الحجارة وكلّمها تطعك ، لعلّهم يعتبرون.
وقيل : كان
الحجر من رخام ، وكان ذراعا في ذراع. وقيل : مثل رأس الإنسان. وقيل : كان من آس الجنّة.
والعصا عشرة أذرع على طول موسى من آس الجنّة ، وله شعبتان تتّقدان في الظلمة نورا
، وبه ضرب البحر فانفلق ، وهو الّذي صار ثعبانا.
وقوله : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) متعلّق بمحذوف ، تقديره : فإن ضربت فقد انفجرت منه ، أو
فضرب فانفجرت ، كما مرّ [٣] في قوله : (فَتابَ عَلَيْكُمْ).
(قَدْ عَلِمَ كُلُّ
أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) كلّ سبط عينهم الّتي يشربون منها ، فقلنا لهم : (كُلُوا) المنّ والسلوى (وَاشْرَبُوا) هذا الماء العذب (مِنْ رِزْقِ اللهِ) يريد : هذا المطعم والمشرب (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ) لا تعتدوا فيها (مُفْسِدِينَ) حال إفسادكم. وإنّما قيّد العثيّ به لأنّه ـ وإن غلّب
على الفساد ـ قد يكون منه ما ليس بفساد ، كمقابلة الظالم المعتدي بفعله ، ومنه ما
يتضمّن صلاحا راجحا ، كقتل الخضر
[١] الادرة ، بالضمّ
: نفخة في الخصية. (لسان العرب ٤ : ١٥)
[٢] المخلاة : ما
يجعل فيه العلف ويعلّق في عنق الدابّة. (المنجد : ١٩٥)