responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 114

الجانّ ، فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء ، فبعث الله ملائكة أجلتهم من الأرض ، وفرّقتهم في الجزائر والجبال ، وكان هؤلاء الملائكة سكّان الأرض بعدهم ، فبما قال الله سبحانه لهم : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) قاسوا بالشاهد على الغائب (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) تعجّبا من أن يستخلف لعمارة الأرض وإصلاحها من يفسد فيها كما فعل بنو الجانّ ، أو يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية. وهذا السؤال ليس سؤال اعتراض ، بل سؤال استكشاف عمّا خفي عليهم من الحكمة الّتي بهرت تلك المفاسد ، واستخبار عمّا يرشدهم ويزيح شبهتهم ، كسؤال المتعلّم معلّمه عمّا يختلج في صدره ، فليس باعتراض على الله تعالى ، ولا طعن في بني آدم على وجه الغيبة ، فإنّهم أعلى من أن يظنّ بهم ذلك ، لقوله : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [١]. وقيل : عرفوا ذلك بإخبار من الله ، أو تلقّ من اللوح ، أو استنباط عمّا ركز في عقولهم أنّ العصمة من خواصّهم.

والسّفك والسّبك والسّفح والشنّ أنواع من الصّبّ. فالسفك يقال في الدّم والدّمع ، والسّبك في الجواهر المذابة ، والسّفح في الصبّ من أعلى ، والشنّ في الصبّ من فم القربة ونحوها ، وكذلك السنّ.

وقوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) حال مقرّرة لجهة الإشكال ، كقولك : أتحسن إلى أعدائك وأنا الصّديق المحتاج؟! والمعنى أتستخلف عصاة ونحن معصومون أحقّاء بذلك؟ والمقصود منه الاستفسار عمّا رجّحهم مع ما هو متوقّع منهم من الاستخلاف ، لا العجب والتفاخر. وكأنّهم علموا أنّ المجعول خليفة ذو ثلاث قوى عليها مدار أمره : شهويّة وغضبيّة تؤدّيان به إلى الفساد وسفك الدماء ، وعقليّة تدعوه إلى المعرفة والطاعة ، فقالوا : ما الحكمة في استخلافه وهو


[١] الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧.

نام کتاب : زبدة التّفاسير نویسنده : الشريف الكاشاني، فتح الله    جلد : 1  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست