[١] من أشدّ الفتن
التي عصفت بالامة الاسلامية هي فتنة خلق القرآن ، حيث ظهرتْ في منتصف العصر
العباسي الاول اشاعة ، ومفادها أن القرآن بما أنه كلام الله ، فهل هو يقدم الله
تعالى ام انه مخلوق وليس قديم؟!.
ذكر الدميري : وفي أيام المأمون العباسي
ظهر القول بخلق القرآن ، بل قيل أن هذا القول ظهر في أيام هارون العباسي ، وكان
الناس فيه بين أخذ وترك ، حتى زمن المأمون ، فحمل الناس والعلماء على القول به ، وكل
مَنْ لم يقل بذلك عاقبه أشد عقوبة. حياة الحيوان ١ / ٩٨.
وينقل احد المؤرخين : للمأمون محاسن لو
لا ما أتاه من محنة الناس في القول بخلق القرآن.
ويبدو من خلال إٍتقراء الاحداث أن ظهور
مثل هذه الافكار الهدّامة ، وشيوعها في الاوساط الاسلامية إنما هي بدع إبتدعها
النظام الفاسد لأغراض سياسية ، كتصفية العلماء المعارضين للنظام ، وإشاعة أفكار
فاسدة لضعف الوعي الديني ، وإلهاء الناس عن التصدي لفساد الحكم ، وإنشغال الحكّام
آنذاك في شهواتهم ، كما يبدو من خلال السرد التاريخي أن أول مَنْ بها وأظهرها
عليها هو المأمون ، وفيها حمل الناس ، والعلماء قسراً على الاعتقاد ، والقول بان
القرآن شيء مخلوق ، وليس هو ذات الله لأن كلامه سبحانه من صفاته ، وصفاته عين
ذاته.
وقد حُمل كباء العلماء على القول بذلك
من أيام الرشيد ، وفيما بعد حتى قُتل الكثير منهم ، أو عُذب ، أو سجن ، أو نفي ، ولعل
أبرزهم إمام المذهب الحنبلي «أحمد بن حنبل»
نام کتاب : ملحمة قوافل النّور نویسنده : حسين بركة الشامي جلد : 1 صفحه : 640