نام کتاب : ملحمة قوافل النّور نویسنده : حسين بركة الشامي جلد : 1 صفحه : 56
اجمعت إن لا أسمع منه
شيئاً ، ولا أكلمه ، حتى حشوت أذني حين غذوتُ الى المسجد كرسفاً ، فرقاً من أن
يبلغني شيء من قوله ، وأنا أريد أن اسمعه. قال : فغدوت الى المسجد فإذا رسول الله صلىاللهعليهوآله قائمٌ يصلي عند
الكعبة ، فقمت منه قريباً فأبى الله إلا ان يسمعني بعض قوله ، فسمعت كلاماً حسنا ،
فقتل في نفسي : والله اني رجلٌ لبيب ، شاعر ، ما يحفي عليّ الحسن من القبيح ، فما
يمنعني ان اسمع من هذا الرجل ما يقول ، فإن كان الذي يأتي به حسناً قبلته ، وان
كان قبيحاً تركته. فمكثتُ حتى انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله
الى بيته فاتبعته حتى اذا دخل بيته دخلتُ عليه فقلت : يا محمد قالوا لي كذا وكذا
للذي قالوا ، فوالله ما برحوا يخفونني أمرك حتى سددت أُذني بكرسف لئلا أسمع قولك ،
فأبى الله إلا أن يسمعني قوله ، فسمعته قولاً حسناً ، فعرض عليّ أمرك. قال : فعرض
عليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
الإسلام وتلا عليّ القرآن ، فلا والله ما سمعتُ قولاً احسن منه ولا امراً أعدل
منه. فأسلمت وشهدتُ شهادة الحقِ». سيرة بن هشام ١ / ٤٠٧.
كانت مثل هذه الحوادث تثير قلق قريش
وخوفها ، فلقد كانت تواجه خطر القرآن الذي يأخذ بالعقول الى عالم الحقيقة المطلق ،
دون ان تقف امامه سياط قريش وعناد جبابرتها.
وعندما اخذ عدد المسلمين يتزايد ، وعجزت
اساليب قريش عن تحجيم الدعوة الاسلامية قررت ان تقدم على خطوة كبيرة تمنع فيها
التطورات الحاصلة في مكة وغيرها. فاجتمع زعماء قريش في دار الندور ، ووقعوا
ميثاقاً فيما بينهم ينص على مقاطعة النبي صلىاللهعليهوآله
وانصاره ، مقاطعة تامة ، فلا يزوجوهم ولا يتزوجون منهم ، ولا يبيعوهم ولا يشترون
منهم شيئاً ، وان لا يكلموهم ولا يؤاكلوهم. وعلقوا هذا الميثاق «الصحيفة» في جوف
الكعبة.
على اثر هذا الميثاق الظالم ، قرر عمّ
الرسول ابو طالب ان يجمع بني هاشم وبني عبد المطلب ، في «شعب ابي طالب» بين جبال
مكة ، وذلك تحفظاً على الرسول صلىاللهعليهوآله
وحذراً من حدوث اي طارىء قد تقدم عليه قريش ، وقد بالغت قريش في حصارها ، حيث كانت
تبث عيونها لرصد الشِعب ، فتمنع وصول اي طعام اليه. وكانت تحذر العرب القادمين الى
مكة من بيع الطعام الى بني هاشم ، فمن خالفهم انتهبوا ماله.
استمرت المحاصرة ثلاث سنوات ، انتهت
عندما اخبر الله نبيه صلىاللهعليهوآله
بأن صحيفة المقاطعة وقد اكلتها حشرة «الارضة» لكن آثار المقاطعة كانت قاسية على
النبي وعلى المسلمين ، وكان من ابرز آثارها وفاة عمه وحاميه ابي طالب ووفاة زوجته
وناصرته خديجة «رض».
نام کتاب : ملحمة قوافل النّور نویسنده : حسين بركة الشامي جلد : 1 صفحه : 56