[1] اعلم أنّ اختفاء سبب الغيبة عنّا ليس مستلزما لصحّة إنكار وقوعها، أو عدم وجود مصلحة فيها، فإنّ سبيل هذه و سبيل غيرها من الحوادث الجارية بحكمة اللّه تعالى سواء، فكما أنّه لا سبيل إلى إنكار المصلحة في بعض أفعاله تعالى ممّا لم نعلم وجه حكمته و مصلحته لا طريق أيضا إلى إنكار المصلحة في غيبة وليّه و حجّته، فإنّ مداركنا و عقولنا قاصرة عن إدراك فوائد كثير من الأشياء، و سنن اللّه تعالى في عالم التكوين و التشريع، بل لم نعط مدارك يدرك بها كثير من المجهولات، فالاعتراف بقصور أفهامنا أولى، و لنعم ما قاله الشاعر:
و انّ قميصا خيط من نسج تسعة # و عشرين حرفا عن معاليه قاصر
و قال بعضهم:
العلم للرحمن جلّ جلاله # و سواه في جهلاته يتغمغم
ما للتراب و للعلوم و إنّما # يسعى ليعلم أنّه لا يعلم
و ما أحسن أدب من قال: علم الخلائق في جنب علم اللّه مثل لا شيء في جنب ما لا نهاية له.
و قال مولانا و سيّدنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام فيما روي عنه:
«يا ابن آدم، لو أكل قلبك طائر لم يشبعه، و بصرك لو وضع عليه خرق إبرة لغطّاه، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات و الأرض!» ، و الحاصل أنّه ليس علينا السؤال عن هذه بعد إخبار النبيّ و المعصومين من أهل بيته صلّى اللّه عليهم أجمعين عن وقوعها، و دلالة الأحاديث القطعيّة عليها، و بعد وقوعها في الامم السالفة، كما ذكره الإمام في رواية سدير الطويلة، قال المفيد-قدّس سرّه-: و ثمّ وليّ للّه تعالى يقطع الأرض بعبادة ربّه تعالى، و التفرّد من الظالمين بعمله، و نأى بذلك عن دار المجرمين، و تبعّد بدينه عن محلّ الفاسقين، لا يعرف أحد من الخلق له مكانا، و لا يدّعي إنسان
نام کتاب : منتخب الاثر فی الامام الثاني عشر علیهالسلام نویسنده : الصافي، الشيخ لطف الله جلد : 2 صفحه : 261