الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ إِنْ أتَى الدَّهْرُ بِالْخَطْبِ الْفَادِحِ وَ الْحدَثِ الْجَليلِ. وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَيْسَ مَعَهُ إِلهٌ غَيْرُهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.
سبب البلوى
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الُمجَرِّبِ تُورِثُ الْحَسرَةَ، وَ تُعْقِبُ النَّدَامَةَ. وَ قَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ فِي هذِهِ الْحُكُومَةِ أَمْرِي، وَ نَخَلْتُ لَكُمْ مَخْزُونَ رَأْيِي لَوْ كَانَ يُطَاعُ لِقَصِيرٍ أمْرٌ! فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِباءَ الُمخَالِفيِنَ الْجُفَاةِ، وَ الْمُنَابِذِين الْعُصَاةِ حَتَّى ارْتابَ النَّاصِحُ بِنُصْحِهِ، وَ ضَنَّ الزَّنْدُ بِقَدْحِهِ، فَكُنْتُ أَنَا وَ إِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ:
أَمَرْتُكُمُ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللّوَى
فَلَمْ تَسْتَبينُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَى الْغَدِ
و من خطبة له (ع) (36)
في تخويف أهل النهروان
فَأَنا نَذِيرٌ لَكُمْ أَنْ تُصْبِحُوا صَرْعَى بِأَثْنَاءِ هذَا النَّهْرِ، وَ بِأَهْضَامِ هذَا الْغَائِطِ عَلَى غَيْرِ بَيّنَةٍ مِنْ رَبّكُمْ، وَ لَا سُلْطَانٍ مُبِينٍ مَعَكُمْ: قَدْ طَوَّحَتْ بِكُمُ الدَّارُ، وَ احْتَبَلَكُمُ الْمِقْدَارُ، وَ قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ هذِهِ الْحُكُومَةِ فَأَبَيْتُمْ عَلَيَّ إِباءَ الْمُنَابِذِينَ، حَتَّى صَرَفْتُ رَأْيِي إِلَى هَوَاكُمْ، وَ أَنْتُمْ مَعَاشِرُ أَخِفَّاءُ الهامِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلامِ؛ وَ لَمْ آتِ- لَا أبَا لَكُمْ- بُجْراً، وَ لَا أَرَدْتُ لَكُمْ ضُرًّا.