أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَ مُنْكَراً يُدْعَى إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وَ بَرِىءَ؛ وَ مَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ، وَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ؛ وَ مَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعَلْيَا وَ كَلِمَةُ الظَّالِمينَ هِيَ السُّفْلَى، فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبِيلَ الْهُدَى، وَ قَامَ عَلَى الطَّرِيقِ وَ نَوَّرَ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينُ.
374- و في كلام آخر له يجري هذا المجرى: فَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ بِيَدِهِ وَ لِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ، فَذلِكَ الْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ الْخَيْرِ؛ وَ مِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ التَّارِكُ بِيَدِهِ، فَذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتَيْنِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَ مُضَيِّعٌ خَصْلَةً؛ وَ مِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ وَ لِسَانِهِ، فَذلِكَ الَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ الْخَصْلَتَيْنِ مِنَ الثَّلاثِ وَ تَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ، وَ مِنْهُمْ تَارِكٌ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ بِلِسَانِهِ وَ قَلْبِهِ وَ يَدِهِ، فَذلِكَ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ. وَ مَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، إِلَّا كَنَفْثَةٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ. وَ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَايُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ، وَ لَايُنْقِصَانِ مِنْ رِزْقٍ، وَ أَفْضَلُ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدِ إِمَامٍ جَائِرٍ.
375- و عن أبي جحيفة قال: سمعت اميرالمؤمنين عليه السلام يقول: أَوَّلُ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْجِهَادِ الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ ثُمَّ بِقُلُوبِكُمْ؛ فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً، وَ لَمْ يُنْكِرْ مُنْكَراً، قُلِبَ فَجُعِلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ وَ أَسْفَلُهُ أَعْلَاهُ.
376- و قال عليه السلام: إِنَّ الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيءٌ، وَ إِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَ بِيءٌ.
377- و قال عليه السلام: لَاتَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هذِهِ الْأُمَّةِ عَذَابَ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: «فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ» وَلَا تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: «إِنَّهُ لَايَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ».