فَلْيَكُنْ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَكَ فِي الْحَقِّ سَوَاءً؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَوْرِ عِوَضٌ مِنَ الْعَدْلِ، فَاجْتَنِبْ مَا تُنْكِرُ أَمْثَالَهُ، وَ ابْتَذِلْ نَفْسَكَ فِيَما افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ رَاجِياً ثَوَابَهُ، وَ مُتَخَوِّفاً عِقَابَهُ.
وَ اعْلَمْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلِيَّةٍ لَمْ يَفْرُغْ صَاحِبُهَا فِيهَا قَطُّ سَاعَةً إِلَّا كَانَتْ فَرْغَتُهُ عَلَيْهِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ أَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَكَ عَنِ الْحَقِّ شَيءٌ أَبَداً، وَ مِنَ الْحَقِّ عَلَيْكَ حِفْظُ نَفْسِكَ، وَ الْاحْتِسَابُ عَلَى الرَّعِيَّةِ بِجُهْدِكَ، فَإِنَّ الَّذِي يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْ ذلِكَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يَصِلُ بِكَ، وَ السَّلَامُ.
و من كتاب له (ع) (60)
إِلى العمّال الذين يطأ الجيش عملهم
مِنْ عَبْدِاللَّهِ عَلِيِّ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ مَرَّ بِهِ الْجَيْشُ مِنْ جُبَاةِ الْخَرَاجِ وَ عُمَّالِ الْبِلَادِ.
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ سَيَّرْتُ جُنُوداً هِيَ مَارَّةٌ بِكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَ قَدْ أَوْصَيْتُهُمْ بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ مِنْ كَفِّ الأَذَى وَ صَرْفِ الشَّذَى، وَ أَنَ أَبْرَأُ إِلَيْكُمْ وَ إِلَى ذِمَّتِكُمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ إِلَّا مِنْ جَوْعَةِ الْمُضْطَرِّ، لَايَجِدُ عَنْهَا مَذْهَباً إِلَى شِبَعِهِ. فَنَكِّلُوا مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهُمْ شَيْئاً ظُلْمَاً عَنْ ظُلْمِهِمْ، وَ كُفُّوا أَيْدِي سُفَهَائِكُمْ عَنْ مُضَارَّتِهِمْ وَ التَّعُرُّضِ لَهُمْ فِيَما اسْتَثْنَيْنَاهُ مِنْهُمْ. وَ أَنَا بَيْنَ أَظْهُرِ الْجَيْشِ فَارْفَعُوا إِلَيَّ مَظَالِمَكُمْ وَ مَا عَرَاكُمْ مِمَّا يَغْلِبُكُمْ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَ مَا لَاتُطِيقُونَ دَفْعَهُ إِلَّا بِاللَّهِ وَ بِي، فَأَنَا أُغَيِّرُهُ بِمَعُونَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهِ.