وَ إِنَّ دَفْعَكُمَا هذَا الْأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلَا فِيهِ، كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ، بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ.
وَ قَدْ زَعَمْتَما أَنِّي قَتَلْتُ عُثَمانَ، فَبَيْنِي وَ بَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي وَ عَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ يَلْزَمُ كُلُّ امْرِىءٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ. فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا، فَإِنَّ الْآنَ أَعْظَمَ أَمْرِكُمَا الْعَارُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَجَمَّعَ الْعَارُ وَ النَّارُ، وَالسَّلَامُ.
و من كتاب له (ع) (55)
إلى معاوية
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَعَلَ الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا، وَ ابْتَلَى فِيهَا أهْلَهَا، لِيَعْلَمَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، وَ لَسْنَا لِلدُّنْيَا خُلِقْنَا، وَ لَابِالسَّعْيِ فِيهَا أُمِرْنَا، وَ إِنَّما وُضِعْنَا فِيهَا لِنُبْتَلَى بِهَا، وَ قَدْ ابْتَلَانِي اللَّهُ بِكَ وَ ابْتَلَاكَ بِي: فَجَعَلَ أَحَدَنَا حُجَّةً عَلَى الْآخَرِ، فَعَدَوْتَ عَلَى الدُّنْيَا بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، فَطَلَبْتَنِي بِمَا لَمْ تَجْنِ يَدِي وَ لَالِسَانِي، وَ عَصَيْتَهُ أَنْتَ وَ أَهْلُ الشَّامِ بِي، وَ أَلَّبَ عَالِمُكُمْ جَاهِلَكُمْ وَ قَائِمُكُمْ قَاعِدَكُمْ؛ فَاتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، وَ نَازِعِ الشَّيْطَانَ قِيَادَكَ، وَ اصْرِفْ إِلَى الْآخِرَةِ وَجْهَكَ، فَهِيَ طَرِيقُنَا وَ طَرِيقُكَ. وَ احْذَرْ أَنْ يُصِيبَكَ اللَّهُ مِنْهُ بِعَاجِلِ قَارِعَهٍ تَمَسُّ الْأَصْلَ، وَ تَقْطَعُ الدَّابِرَ، فَإِنِّي أُولِي لَكَ بِاللَّهِ أَلِيَّةً غَيْرَ فَاجِرَةٍ، لَئِنْ جَمَعَتْنِي وَ إِيَّاكَ جَوَامِعُ الْأَقْدَارِ لَاازَالُ بِبَاحَتِكَ «حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ».