وَ ذلِكَ عَلَى الْوُلَاةِ ثَقِيلٌ وَ الْحَقُّ كُلُّهُ ثَقِيلٌ. وَ قَدْ يُخَفِّفُهُ اللَّهُ عَلَى أَقْوَامٍ طَلَبُوا الْعَاقِبَةَ فَصَبَّرُوا أَنْفُسَهُمْ، وَ وَثِقُوا بِصِدْقِ مَوْعُودِ اللَّهِ لَهُمْ.
وَاجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ، وَ تَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَواضَعُ فِيهِ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ، وَ تُقْعِدَ عَنْهُمْ جُنْدَكوَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ: «لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لَايُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِعٍ». ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَالْعِيَّ، وَ نَحِّ عَنْهُمُ الضِّيقَ وَ الْأَنَفَ يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ، وَ يُوجِبُ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ. وَ أَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً، وَ امْنَعْ فِي إِجْمَالٍ وَ إِعْذَارٍ!
ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكلَابُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرِتِهَا: مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ، وَ مِنْهَا إِصْدارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَخْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوانِكَ. وَ امْضِ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ، فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مَافِيْهِ.
واجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيَما بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيْتِ، وَ أَجْزَلَ تِلْكَ الْأَقْسَامِ، وَ إِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ، وَ سَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ.
وَلْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِيْنَكَ: إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً، فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيلِكَ وَ نَهَارِكَ، وَوَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذلِكَ كَامِلًا غَيْرَ مَثْلُومٍ وَ لَامَنْقُوصٍ، بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ. وَ إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ، فَلا تَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَ لَامُضَيِّعاً، فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَ لَهُ الْحَاجَةُ. وَ قَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه و آله حِيْنَ وَجَّهَنِي إِلَى الَيمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ؟ فَقَالَ: «صَلِّ بِهِمْ كَصَلَاةِ أَضْعَفِهِمْ،