وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلاؤُكعِنْدَهُ، وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكعِنْدَهُ.
وَ لَاتَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هذِهِ لْأُمَّةِ، وَ اجْتَمَعَتْ بِهَا الْأُلْفَةُ، وَ صَلَحَتْ عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ. وَ لَاتُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ السُّنَنِ فَيَكُونَ الْأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا وَالْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا.
وَ أَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ، وَ مُنَافَثَةَ الْحُكَمَاءِ، فِي تَثْبِيتٍ مَا صَلَحَ عَلَيْهِ أَمْرُ بِلَادِكَ، وَ إِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِهِ النَّاسُ قَبْلَكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لَايَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ، وَ لَاغِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ: فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ، وَ مِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَ مِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْل، وَ مِنْهَا عُمَّالُ الْإِنْصَافِ وَ الرِّفْقِ، وَ مِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَ الْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ مُسْلِمَةِ النَّاسِ، وَ مِنْهَا التُّجَّارُ وَ أَهْلُ الصِّنَاعَاتِ، وَ مِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَ كُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ. وَ وَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً.
فَالْجُنُودُ، بِإِذْنِ اللَّهِ، حُصُونُ الرَّعِيَّةِ، وَزَيْنُ الْوُلَاةِ، وَ عِزُّالدِّينِ، وَ سُبُلُ الْأَمْنِ، وَ لَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِهِمْ. ثُمَّ لَاقِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلَّا بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ، وَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيَما يُصْلِحُهُمْ، وَ يَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ. ثُمَّ لَاقِوَامَ لِهذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلَّا بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَ الْعُمَّالِ وَ الْكُتَّابِ، لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ، وَ يَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَ يُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الْأُمُورِ وَ عَوَامِّهَا. وَ لَاقِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلَّا بِالتُّجَّارِ وَ ذَوِي الصِّنَاعَاتِ،