وَ لَاتُدْخِلَنَّ فِي مَشْوِرَتِكَ بَخِيلًا يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ وَ يَعِدُكالْفَقْرَ، وَ لَاجَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ الْأُمُورِ، وَ لَاحَرِيصاً يُزَيِّنُ لَكَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ، فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُالظِّنِّ بِاللَّهِ.
إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلْأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً، وَ مَنْ شَرِكَهُمْ فِي الْآثَامِ فَلا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً؛ فإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الْأَثَمَةِ، وَ إِخْوَانُ الظَّلَمَةِ، وَ أَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ، وَ لَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَ أَوْزَارِهِمْ و آثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لَاآثِماً عَلَى إِثْمِهِ؛ أُولئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَؤُونَةً، وَ أَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً، وَ أَحْنَى عَلَيْكَ عِطْفاً، وَ أَقَلُّ لِغَيْرِكإِلْفاً، فَاتَّخِذْ أُولئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلَاتِكَ. ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكأَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ وَ أَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيَما يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لِأَوْلِيَائِهِ، وَاقِعاً ذلِكَ مِنْ هَوَاكحَيْثُ وَقَعَ.
وَالْصَقْ بأَهْلِ الْوَرَعِ وَ الصِّدْقِ ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَلَّا يُطْرُوكوَ لَايَبْجَحُوكبِبَاطِلٍ لَمْ تَفْعَلْهُ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْإِطْرَاءِ تَحْدِثُ الزَّهْوَ وَ تُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ.
وَ لَايَكُونَنَّ الُمحْسِنُ وَ الْمُسِيءُ عِنْدَكبِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ، فَإِنَّ فِي ذلِكَ تَزْهِيداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِي الْإِحْسَانِ، وَ تَدْرِيباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَى الْإِسَاءَةِ! وَأَلْزِمْ كُلّاً مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ.
وَ اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بِأَدْعَى إِلى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَ تَخْفِيفِهِ الْمَؤُونَاتِ عَلَيْهِمْ، وَ تَرْكاسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَبَاً طَوِيلًا.