اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْجَهْدِ، وَ لَاازْدِيَاداً لَكَ فِي الْجِدِّ وَ لَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكمِنْ سُلْطَانِكَ لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَؤُونَةً وَ أَعْجَبُ إِلَيْك وِلَايَةً.
إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ كانَ رَجُلًا لَنَا نَاصِحاً، وَ عَلَى عَدُوِّنَا شَدِيداً نَاقِماً، فَرَحِمَهُ اللَّهُ! فَلَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ، وَ لَاقَى حِمَامَهُ، وَ نَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ؛ أَوْلَاهُ اللَّهُ رِضْوَانَهُ، وَ ضَاعَفَ الثَّوَابَ لَهُ! فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ، وَامْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ، وَ شَمِّرْ لِحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ، وَدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ، وَ أَكْثِرِ الإِسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، وَ يُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزَلُ بِكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
و من كتاب له (ع) (35)
إِلى عبداللَّه بن العبّاس، بعد مقتل محمّد بن أبيبكر
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ أبِيبَكْرٍ- رَحِمَهُاللَّهُ- قَدِ اسْتُشْهِدَ، فَعِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً، وَ عَامِلًا كَادِحاً، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَ رُكْناً دافِعاً. وَ قَدْ كُنْتُ حَثَثْتُ النَّاسَ عَلَى لَحَاقِهِ، وَ أَمرْتُهُمْ بِغِيَاثهِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ، وَ دَعَوْتُهُمْ سِرّاً وَجَهْراً، وَ عَوْداً وَ بَدْءاً، فَمِنْهُمُ الآتِي كَارِهاً، وَ مِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ كَاذِباً، وَ مِنْهُمْ الْقَاعِدُ خَاذِلًا. أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لِي مِنْهُمْ فَرَجَاً عَاجِلًا؛ فَوَاللَّهِ لَوْ لَاطَمَعِي عِنْدَ لِقَائِي عَدُوِّي فِي الشَّهَادَةِ؛ وَ تَوْطِينِي نَفْسِي عَلَى الْمَنِيَّةِ، لَأَحْبَبْتُ إِلَّا أَلْقَى مَعَ هَؤُلَاءِ يَوْماً وَاحِداً، وَ لَا أَلْتَقِي بِهِمْ أَبَداً.