وَ مَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ وَ عَلَانِيَتُهُ، وَ فِعْلُهُ وَ مَقَالَتُهُ، فَقَد أدَّى الْأَمَانَةَ، وَ أَخْلَصَ الْعِبَادَة.
وَ أَمَرَهُ ألَّا يَجْبَهَهُمْ وَ لَايَعْضَهَهُمْ، وَ لَايَرْغَبَ عَنْهُمْ تَفَضُّلًا بِالْإِمَارَةِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمُ الْإِخْوَانُ فِي الدِّينِ، وَ الْأَعْوَانُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ.
وَ إِنَّ لَكَ فِي هذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً مَفْرُوضاً، وَ حَقًّا مَعْلُوماً، وَ شُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَةٍ، وَ ضُعَفَاءَ ذَوِي فَاقَةٍ، وَ إِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ، فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ، وَ إِلَّا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ خُصُوماً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ بُؤْسَى لِمَنْ- خَصْمُهُ عِنْدَ اللَّهِ- الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَالسَّائِلُونَ وَالْمَدْفُوعُونَ، وَ الْغَارِمُونَ وَابْنُ السَّبِيلِ! وَ مَنِ اسْتَهَانَ بِالْأَمَانَةِ، وَ رَتَعَ فِي الْخِيَانَةِ وَ لَمْ يُنَزِّهْ نَفْسَهُ وَ دِينَهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ الذُّلَّ وَالْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ أَذَلُّ وَ أَخْزَى. وَ إِنَّ أَعْظَمَ الْخِيَانَةِ خِيَانَةُ الْأُمَّةِ، وَأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الْأَئِمَّةِ، وَالسَّلَامُ.
و من كتاب له (ع) (27)
إلى محمّد بن أبي بكر- رضى اللَّه عنه- حين قلده مصر
فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ، وَ أَلِنْ لَهُمْ جَانِبَكَ، وَابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَكَ، وَآسِ بَيْنَهُمْ فِي اللَّحْظَةِ والنَّظْرَةِ، حَتَّى لَايَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِي حَيْفِكَ لَهُمْ، وَ لَايَيْأَسِ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُسَائِلُكُمْ مَعْشَرَ عِبَادِهِ عَنِ الصَّغِيرَةِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ وَالْكَبِيرَةِ، والظَّاهِرَةِ وَالْمَسْتُورَةِ، فَإِنْ يُعَذِّبْ فَأَنْتُمْ أَظْلَمُ، وَ إِنْ يَعْفُ فَهُوَ أَكْرَمُ.
وَ اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّ الْمُتَّقِينَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدُّنْيَا وَ آجِلِ الْآخِرَةِ،