و من كتاب له (ع) (22)
إلى عبداللَّه بن العبّاس رحمه اللَّه تعالى، و كان عبداللَّه يقول:
ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، كانتفاعي بهذا الكلام!
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَسُرُّهُ دَرَكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ، وَ يَسُوءُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ، فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ، وَلْيَكُنْ أَسَفُكَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْهَا، وَ مَا نِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ فَلَا تُكْثِرْ بِهِ فَرَحاً، وَ مَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلا تَأْسَ عَلَيْهِ جَزَعَاً، وَلْيَكُنْ هَمُّكَ فِيَما بَعْدَ الْمَوْتِ.
و من كتاب له (ع) (23)
قاله قبل موته على سبيل الوصيّة لمّا ضربه ابن ملجم لعنه اللَّه
وَصِيَّتِي لَكُمْ أَنْ لَاتُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً. وَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله فَلا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ. أَقِيمُوا هذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ، وَ أَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ، وَ خَلَاكُمْ ذَمٌّ!
أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَ الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ. إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَ إِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي. وَ إِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ، وَ هُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا: «أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ».
وَ اللَّهِ مَا فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَ لَاطَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ؛ وَ مَا كُنْتُ إِلَّا كَقَارِبٍ وَرَدَ، وَ طَالِبٍ وَجَدَ؛ «وَ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ».