وَ وَطِّئُوا لِلْجُنوبِ مَصَارِعَهَا، وَ اذْمُرُوا أَنْفُسَكمْ عَلَى الطَّعْنِ الدَّعْسِيِّ وَ الضَّرْبِ الطَّلَحْفِيِّ. وَ أَمِيتُوا الْأَصْوَاتَ، فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ. فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا، وَ لكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ أَسَرُّوا الْكُفْرَ، فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَيْهِ أَظْهَرُوهُ.
و من كتاب له (ع) (17)
إلى معاوية، جواباً عن كتابٍ منه إليه
وَ أَمَّا طَلَبُكَ إِلَيَّ الشَّامَ فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ. وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَاتِ أَنْفُسٍ بَقِيَتْ، أَلَا وَ مَنْ أَكَلَهُ الْحَقُّ فَإِلَى الْجَنَّةِ، وَ مَنْ أَكَلَهُ الْبَاطِلُ فَإِلَى النَّارِ. وَ أَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْحَرْبِ وَ الرِّجَالِ فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ. وَ لَيْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الْآخِرَةِ. وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ! فَكَذلِكَ نَحْنُ. وَ لكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لَاحَرْبٌ كَعَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَ لَاأَبُوسُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ. وَ لَاالْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَ لَا الصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ. وَ لَاالُمحِقُّ كَالْمُبْطِلِ. وَ لَاالْمُؤْمِنُ كَالْمُدْغِلِ. وَ لَبِئْسَ الْخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ!
وَ فِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ، وَ نَعَشْنَا بِهَا الذَّلِيلَ. وَ لَمَّا أَدْخَلَ اللَّهُ الْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً، وَ أَسْلَمَتْ لَهُ هذِهِ الْأُمَّةُ طَوْعاً وَ كَرْهاً، كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فى الدِّينِ: إِمَّا رَغْبَةً وَ إِمَّا رَهْبَةً، عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ،