إِذَا رَجَفَتِ الرَّاجِفَةُ، وَ حَقَّتْ بِجَلَائِلِهَا الْقِيَامَةُ، وَ لَحِقَ بِكُلِّ مَنْسَكٍ أَهْلُهُ، وَ بِكُلِّ مَعْبُودٍ عَبَدَتُهُ، وَ بِكُلِّ مُطَاعٍ أَهْلُ طَاعَتِهِ، فَلَمْ يُجْزَ فِي عَدْلِهِ وَ قِسْطِهِ يَوْمَئِذٍ خَرْقُ بَصَرٍ فِي الْهَوَاءِ، وَ لَاهَمْسُ قَدَمٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا بِحَقِّهِ. فَكَمْ حُجَّةٍ يَوْمَ ذَاكَ دَاحِضَةٌ، وَ عَلَائِقِ عُذْرٍ مُنْقَطِعَةٌ.
فَتَحَرَّ مِنْ أَمْرِكَ مَا يَقُومُ بِهِ عُذْرُكَ، وَ تَثْبُتُ بِهِ حُجَّتُكَ، وَ خُذْ مَا يَبْقَى لَكَ مِمَّا لَا تَبْقَى لَهُ، وَ تَيَسَّرْ لِسَفَرِكَ؛ وَشِمْ بَرْقَ النَّجَاةِ؛ وَ ارْحَلْ مَطَايَا التَّشْمِيرِ.
و من خطبة له (ع) (224)
يتبرّأ من الظلم
وَ اللَّهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً، أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلَالِ مُصَفَّداً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَ غَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ، وَ كَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا، وَ يَطُولُ فِي الثَّرَى حُلُولُهَا؟!
وَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلًا وَ قَدْ أَمْلَقَ حَتَّى اسْتَماحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً، وَ رَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ، غُبْرَ الْأَلْوَانِ مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأَنَّما سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ، وَ عَاوَدَنِي مُؤَكِّداً، وَ كَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمْعِي، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي، وَأَتَّبِعُ قِيَادَهُ مُفَارِقاً طَرِيقَتِي، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ مِنْ أَلَمِهَا، وَ كادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيْسَمِهَا، فَقُلْتُ لَهُ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ، يَا عَقِيلُ! أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَ تَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ!