حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ. نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَنَاءٍ. وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ.
أَتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ، وَ أَرَاحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ. بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزَاهَةٌ وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لِينٌ وَ رَحْمَةٌ، لَيْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ، وَلَا دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَدِيعَةٍ.
قَالَ: فَصَعِقَ هَمَّامٌ صَعْقَةً كانَتْ نَفْسُهُ فِيهَا. فَقَالَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عليه السلام:
أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَيْهِ. ثُمَّ قَال: أَهكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بِأَهْلِهَا.
فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: فَمَا بَالُكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ عليه السلام: وَيْحَكَ! إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْتاً لَايَعْدُوهُ، وَ سَبَباً لَايَتَجَاوَزُهُ، فَمَهْلًا! لَاتَعُدْ لِمِثْلِهَا، فَإِنَّما نَفَثَ الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِكَ!
و من خطبة له (ع) (194)
يصف فيها المنافقين
نَحْمَدُهُ عَلَى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَذَادَ عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَ نَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ تَمَاماً وَ بِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً. وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، خَاضَ إِلَى رِضْوَانِ اللَّهِ كُلَّ غَمْزَةٍ، وَ تَجَرَّعَ فِيهِ كُلَّ غُصَّةٍ. وَ قَدْ تَلَوَّنَ لَهُ الْأَدْنَوْنَ، وَ تَأَلَّبَ عَلَيْهِ الْأَقْصَوْنَ. وَ خَلَعَتْ إِلَيْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا، وَ ضَرَبَتْ إِلى مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَها، مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ، وَ أَسْحَقِ الْمَزَارِ.
أُوصِيكُمْ عِبَادَاللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَ أُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ، فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ، وَ الزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ، يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً، وَ يَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً، وَ يَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَادٍ،