وَ ادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ، وَ خَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ.
ألَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ، وَ وَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ، فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً، وَ أَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ سَعِيراً؟!
ابتلاء اللَّه لخلقه
وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الْأَبْصارَ ضِيَاؤُهُ، وَ يَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ، وَ طِيبٍ يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ. وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً، وَ لَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيه عَلَى الْمَلَائِكَةِ. وَ لكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ، تَمْيِيزاً بِالاخْتِبَارِ لَهُمْ، وَ نَفْياً لِلِاسْتِكْبارِ عَنْهُمْ، وَ إِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ
طلب العبرة
فَاعْتَبِرُوا بِمَا كانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ، وَ كَانَ قَدْ عَبَدَاللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ، لَايُدْرَى أمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ. فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ؟ كَلَّا، مَا كانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً. إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ. وَ مَا بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حمىً حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ.
التحذير من الشيطان
فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ، وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ،