و من خطبة له (ع) (188)
في الوصيّة بامور
التقوى
أُوصِيكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ، بِتَقْوَى اللَّهِ وَ كَثْرَةِ حَمْدِهِ عَلَى آلائِهِ إِلَيْكُمْ، وَ نَعْمَائِهِ عَلَيْكُمْ، وَ بَلَائِهِ لَدَيْكُمْ. فَكَمْ خَصَّكُمْ بِنِعْمَةٍ، وَ تَدَارَكَكُمْ بِرَحْمَةٍ! أَعْوَرْتُمْ لَهُ فَسَتَرَكُمْ، وَ تَعَرَّضْتُمْ لِأَخْذِهِ فَأَمْهَلَكُمْ!
الموت
وَ أُوصِيكُمْ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَ إِقْلالِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ. وَ كَيْفَ غَفْلَتُكُمْ عَمَّا لَيْسَ يُغْفِلُكُمْ، وَ طَمَعُكُمْ فِيمَنْ لَيْسَ يُمْهِلُكُمْ. فَكَفَى وَاعِظاً بِمَوْتَى عَايَنْتُمُوهُمْ. حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ غَيْرَ رَاكِبينَ، وَ أُنْزِلُوا فِيهَا غَيْرَ نَازِلِينَ. فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِلدُّنْيَا عُمَّاراً، وَ كَأَنَّ الْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ لَهُمْ دَاراً. أَوْحَشُوا مَا كانُوا يُوطِنُونَ، وَ أَوْطَنُوا مَا كانُوا يُوحِشُونَ. وَ اشْتَغَلُوا بِمَا فَارَقُوا، وَ أَضَاعُوا مَا إِلَيْهِ انْتَقَلُوا. لَاعَنْ قَبِيحٍ يَسْتَطِيعُونَ انْتِقَالًا، وَ لَافِي حَسَنٍ يَسْتَطِيعُونَ ازْدِيَاداً. أَنِسُوا بِالدُّنْيَا فَغَرَّتْهُمْ، وَ وَثِقُوا بِها فَصَرَعَتْهُمْ.
سرعة النفاد
فَسَابِقُوا- رَحِمَكُمُ اللَّهُ- إِلَى مَنَازِلِكُمُ الّتي أُمِرْتُمْ أَنْ تَعْمُرُوهَا، وَ الَّتي رَغِبْتُمْ فِيهَا، وَدُعِيتُمْ إِلَيْهَا. وَاسْتَتِمُّوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَ الُمجَانَبَةِ لِمَعْصِيَتِهِ،