أَخَذَ عَلَيْهِ مِيثَاقَهُمْ. وَارْتَهَنَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ. أَتَمَّ نُورَهُ، وَ أَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ، وَ قَبَضَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله وَ قَدْ فَرَغَ إِلَى الْخَلْقِ مِنْ أَحْكَامِ الْهُدَى بِهِ. فَعَظِّمُوا مِنْهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ. فَإِنَّهُ لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِهِ، وَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلَّا وَجَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِياً، وَ آيَةً مُحْكَمَةً، تَزْجُرُ عَنْهُ، أَوْتَدْعُو إِلَيْهِ، فَرِضَاهُ فِيما بَقِيَ وَاحِدٌ، وَ سَخَطُهُ فِيما بَقِيَ وَاحِدٌ. وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْءٍ سَخِطَهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ لَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَىْءٍ رَضِيَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَ إِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَبِّنٍ، وَ تَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ. قَدْ كَفَاكُمْ مَوؤُنَةَ دُنْيَاكُمْ، وَ حَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ، وَ افْتَرَضَ مِنَ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ.
الوصيّة بالتقوى
وَ أَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى وَ جَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ وَ حَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ. فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي انْتُمْ بِعَيْنِهِ، وَ نَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ، وَ تَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ. إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ. وَ إِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ. قَدْ وَكَّلَ بِذلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَايُسْقِطُونَ حَقّاً، وَ لَايُثْبِتُونَ بَاطِلًا. وَ اعْلَمُوا «أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً» مِنَ الْفِتَنِ، وَ نُوراً مِنَ الظُّلَمِ، وَ يُخَلِّدْهُ فِيَما اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، وَ يُنْزِلْهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ. فِى دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِه. ظِلُّهَا عَرْشُهُ. وَ نُورُهَا بَهْجَتُهُ. وَ زُوَّارُها مَلائِكَتُهُ. وَ رُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ. فَبَادِرُوا الْمَعَادَ وَ سَابِقُوا الْآجَالَ. فَإِنَّ النَّاسَ يُوشِكُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِمُ الْأَمَلُ، وَ يَرْهَقَهُمُ الْأَجَلُ وَ يُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ. فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْهِ الرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. وَ أَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ، وَ قَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالارْتِحَالِ، وَ أُمِرْتُمْ فِيهَا بالزَّادِ.