فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، إِنَّ أُمَّتِي سَيُفْتَنُونَ مِنْ بَعْدِي»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ لَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَ حِيزَتْ عَنِّي الشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتَ لِي: «أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ؟» فَقَالَ لِي: «إِنَّ ذلِكَ لَكَذلِكَ، فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذَنْ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ هذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ، وَ لكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَ الشُّكْرِ. وَ قَالَ: «يَا عَلِيُّ إِنَّ الْقَوْمَ سَيُفْتَنُونَ بِأَمْوَالِهِمْ، وَ يَمُنُّونَ بِدِينِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ، وَ يَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَهُ، وَ يَأْمَنُونَ سَطْوَتَهُ، وَ يَسْتَحِلُّونَ حَرَامَهُ بِالشُّبُهَاتِ الْكَاذِبَةِ، وَ الْأَهْوَاءِ السَّاهِيَةِ، فَيَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِالنَّبِيذِ، وَ السُّحْتَ بِالْهَدِيَّةِ، وَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبِأَيِّ الْمَنَازِلِ أُنْزِلُهُمْ عِنْدَ ذلِكَ؟ أَ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةٍ، أَمْ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ؟ فَقَالَ: «بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ».
و من خطبة له (ع) (157)
يحث الناس على التقوى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ، وَ سَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ، وَ دَلِيلًا عَلَى آلَائِهِ وَ عَظَمَتِهِ.
عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِهِ بِالْمَاضِينَ؛ لَايَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْهُ، وَلَا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيهِ. آخِرُ فَعَالِهِ كَأَوَّلِهِ. مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُهُ، مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلَامُهُ. فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْوَ الزَّاجِرِ بشَوْلِهِ؛ فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ نَفْسِهِ تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ، وَ ارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ، وَ مَدَّتْ بِهِ شَيَاطِينُهُ فِي طُغْيَانِهِ، وَ زَيَّنَتْ لَهُ سَيِءَ أَعْمَالِهِ.