وَ يُرْجَمُوا بِالْكَتَائِبِ، تَقْفُوهَا الْحَلَائِبُ؛ وَ حَتَّى يُجَرَّ بِبِلَادِهِمُ الْخَمِيسُ يَتْلُوهُ الْخَمِيسُ؛ وَ حَتَّى تَدْعَقَ الْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ أَرْضِهِمْ، وَ بِأَعْنَانِ مَسَارِبِهِمْ وَ مَسَارِحِهِمْ.
قال السيد الشريف: أقول: الدّعْقُ: الدّقُ، أي الخيول بحوافرها أرضهم. و نواحر أرضهم: متقابلاتها. و يقال: منازلُ بنى فلان تَتَناحر أى تتقابلُ.
و من خطبة له (ع) (125)
في التحكيم و ذلك بعد سماعه لأمر الحكمين
إِنَّا لَمْ نُحَكِّمِ الرِّجَالَ، وَ إِنَّمَا حَكَّمْنَا الْقُرْآنَ. هذَا الْقُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ خَطٌّ مَسْتُورٌ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، لَايَنْطِقُ بِلِسَانٍ، وَ لَابُدَّ لَهُ مِنْ تَرْجُمَانٍ. وَ إِنَّمَا يَنْطِقُ عَنْهُ الرِّجَالُ. وَ لَمَّا دَعَانَا الْقَوْمُ إِلَى أَنْ نُحَكِّمَ بَيْنَنَا الْقُرْآنَ لَمْ نَكُنِ الْفَرِيقَ الْمُتَوَلِّيَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى، وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ».
فَرَدُّهُ إِلَى اللَّهِ أَنْ نَحْكُمَ بِكِتَابِهِ، وَرَدُّهُ إِلَى الرَّسُولِ أَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّتِهِ؛ فَإِذَا حُكِمَ بِالصِّدْقِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، وَ إِنْ حُكِمَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ النَّاسِ وَ أَوْلَاهُمْ بِهَا. وَ أَمَّا قَوْلُكُمْ: لِمَ جَعَلْتَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ أَجَلًا فِي التَّحْكِيمِ؟ فَإِنَّمَا فَعَلْتُ ذلِكَ لِيتَبَيَّنَ الْجَاهِلُ، وَ يَتَثَبَّتَ الْعَالِمُ؛ وَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ فِي هذِهِ الْهُدْنَةِ أَمْرَ هذِهِ الْأُمَّةِ؛ وَ لَاتُؤْخَذُ بِأَكْظَامِهَا، فَتَعْجَلَ عَنْ تَبَيُّنِ الْحَقِّ، وَ تَنْقَادَ لِأَوَّلِ الْغَيِّ. إِنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ كَانَ الْعَمَلُ بِالْحَقِّ أَحَبَّ إِلَيْهِ- وَ إِنْ نَقَصَهُ وَ كَرَثَهُ- مِنَ الْبَاطِلِ وَ إِنْ جَرَّ إِلَيْهِ فَائِدَةً وَ زَادَهُ. فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ! وَ مِنْ أَيْنَ أُتِيتُمْ!